التوحيد، والجمع بين التوحيد والشرك
مذاكرة الشيخ محمد رحمه الله مع أهل بلد حرملة في كلمة التوحيد، والجمع بين التوحيد والشرك
...
مذاكرة الشيخ محمد مع أهل بلد حريملة في كلمة التوحيد والجمع بين التّوحيد والشّرك
قال لهم: لا إله إلا الله قد سألنا عنها كل من جاءنا منكم من مطوع1 وغيره، ولا لقينا عندهم إلا أنها لفظة ما لها معنى، ومعناها: لفظها، ومن قالها فهو مسلم، وقد يقولون لها معنى لكن معناها لا شريك له في ملكه.
ونحن نقول: لا إله إلا الله ليست باللسان فقط؛ لا بد للمسلم إذا لفظ بها أن يعرف معناها بقلبه، وهي التي جاءت لها الرسل وإلا الملك ما جاءت الرسل له. وأنا أُبَيِّنُ لكم إن شاء الله- مسألة التوحيد، ومسألة الشرك.
تعرفون المشهد فيه قبة؛ والذي صلى الظهر من الرجال، قام وتقبل القبر، وولى الكعبة قفاه وركع لِعَلِيٍّ ركعتين: صلاته لله توحيد، وصلاته لِعَلِيٍّ شركٌ، أأنتم فهمتم؟ قالوا: فهمنا، صار هذا مشركا صلى لله، وصلى لغيره.
ولله سبحانه- حق على عبده في البدن والمال. والصلاة زكاة البدن، والزكاة في المال حق له تعالى فإذا زكيت لله وخرجت بشيء تُفَرِّقُهُ عند القبة؛ فزكاتك لله توحيد، وزكاتك للمخلوق شرك.
__________
1 المطوع: هو الذي يُعَلِّمُ العامة ويفقههم، وهو دون العالم.
(1/35)
كذلك سفك الدم إن ذُبِحَتْ لله توحيد، وإن ذبحت لغيره صار شركا، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ} 1 والنسك: سفك الدم 2.
كذلك التوكل من أنواع العبادة، إن توكلت على الله صار توحيدا، وإن توكلت على صاحب القبة صار شركا. قال تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} 3.
وأكبر من ذلك كله: الدعاء، تفهمون أنه يُذْكَرُ 4 أن الدعاء مخ العبادة؟ قالوا: نعم، قال الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 5 أنتم تفهمون أن هنا من يدعو الله ويدعو الزبير، ويدعو الله ويدعو عبد القادر، الذي يدعو الله وحده مخلصٌ، وإن دعا غيره صار مشركا. فهمتم هذا؟ قالوا: فهمنا.
قال الشيخ: هذا إن فهمتموه: فهذا الذي بيننا وبين الناس، فإن قالوا: هؤلاء يعبدون أصناما يدعونهم يريدون منهم، ونحن عبيد مذنبون وهم صالحون ونبغي بجاههم، فقل لهم: عيسى نبي الله - عليه السلام- وأمه صالحة، والعزير صالح، والملائكة كذلك، والذين يدعونهم أخبر الله عنهم أنهم ما أرادوا منهم ما أرادوا بجاههم إلا قربة وشفاعة، واقرأ عليه الآيات في الملائكة في قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ} 6 الآية، وفي الأنبياء قوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} 7 الآية، وفي الصالحين: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} 8 الآية، ولم يفرق بينهم النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
1 سورة الأنعام آية: 162.
2 أي: لأجل القربة كالأضحية، وفدية الإحرام، ومثلها النذر لله وحده.
3 سورة هود آية: 123.
4 أي يذكر في الحديث عن النبي (ص) .
5 سورة الجن آية: 18.
6 سورة سبأ آية: 40.
7 سورة النساء آية: 171.
8 سورة الإسراء آية: 56.
الجواهر المضية
موسوعة محمد بن عبد الوهاب