كلمة التوحيد
معرفة شهادة أن لا إله إلا الله
وله أيضا - قدس الله روحه ونور ضريحه- ما نصه:
اعلم -رحمك الله- أن فرض معرفة شهادة أن لا إله إلا الله قبل فرض الصلاة والصوم، فيجب على العبد أن يبحث عن معنى ذلك أعظم من وجوب بحثه عن الصلاة والصوم، وتحريم الشرك والإيمان بالطاغوت أعظم من تحريم نكاح الأمهات والجدات. فأعظم مراتب الإيمان بالله: شهادة أن لا إله إلا الله.
ومعنى ذلك أن يشهد العبد أن الإلهية كلها لله؛ ليس منها شيء لنبي ولا لملك ولا لولي؛ بل هي حق لله على عباده والإلهية هي التي تسمى في زماننا السر. والإله في كلام العرب هو الذي يسمى في زماننا الشيخ والسيد الذي يُدْعَى ويستغاث به؛ فإذا عرف الإنسان أن هذا الذي يعتقده كثيرون في السمان12، وأمثاله أو في قبر بعض الصحابة، هو العبادة التي لا تصلح إلا لله، وأن من اعتقد في نبي من الأنبياء3 فقد كفر، وجعله مع الله إلها آخر، فهذا لم يكن قد شهد أن لا إله إلا الله.
ومعنى الكفر بالطاغوت: أن تَبْرَأَ من كل ما يعتقد فيه غير الله من جني أو إنسي، أو شجر أو حجر، أو غير ذلك، وتشهد عليه بالكفر والضلال وتبغضه، ولو كان أباك وأخاك.
فأما من قال: أنا لا أعبد إلا الله، وأنا لا أتعرض السادة والقباب على القبور.
__________
1 السمان: شيخ كان أهل نجد يعتقدون ولايته فيدعونه في الشدائد.
2 السمان: شيخ كان أهل نجد يعتقدون ولايته فيدعونه في الشدائد.
3 أي أنه يُدْعَى ويُسْتَغَاث به فيدعوه لكشف الضر وجلب النفع، سواء اعتقد المعتقد أنه يفعل ما يدعي له بنفسه أو بتأثيره عند الله -تعالى-، فإن اعتقاد هذا التأثير في إرادة الله وفعله: عين الإشراك في حصول المقصود، فهو من الشرك.
(1/33)
وأمثال ذلك، فهذا كاذب في قول: لا إله إلا الله، ولم يؤمن بالله، ولم يكفر بالطاغوت.
وهذا كلام يسير، يحتاج إلى بحث طويل واجتهاد في معرفة دين الإسلام، ومعرفة ما أرسل الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، والبحث عما قال العلماء في قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} 1، ويجتهد في تعلم ما عَلَّمَ اللهُ رسولَه، وما علَّمه الرسول لأمته من التوحيد. ومن أعرض عن هذا فطبع الله على قلبه، وآثر الدنيا على الدين، لم يعذره الله بالجهالة، والله أعلم.
__________
1 سورة البقرة آية: 256.
الجواهر المضية
موسوعة عبد الوهاب