بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وبعد.
فقد شاع عند كثير من المسلمين أن حادثة الإسراء والمعراج كانت في السابع والعشرين من شهر رجب، وهذا خطأٌ كبير.
لأنه لم يرد حديث نبوي صحيح، ولا يُقوِّيه أثرٌ عن أحدٍ من أهل القرون المفضلة الأولى وعلى رأسهم الصحابة رضوان الله عليهم، ولا اتفق عليه أهل التأريخ والسير، ولا ذهب إليه أكثرهم.
فقد اختلف المؤرخون وكتاب السِّيَر: في السنة التي كان فيها حادث الإسراء والمعراج على أقوالٍ متعدِّدة..
فمنهم من قال: "أنه وقع قبل الهجرة بسنة".
ومنهم من قال: "أنه وقع قبل الهجرة بخمس سنين".
ومنهم من قال: "أنه وقع قبل الهجرة بشهر".
أيضًا.. وقع اختلاف على الشهر الذي كان فيه الإسراء والمعراج.. هل كان في رجب؟ أم كان في ربيع الأول؟ أم كان في ذي القعدة؟
خلاصة الأقوال في تحديد تاريخ الإسراء:
الحاصل مما تقدَّم هو أنه لم يثبت شيء في تعيين السنة والشهر الذي أُسريَ فيه بالنبي صلى الله عليه وسلم، فلا تَسأل عن اليوم. وأحسن هذه الأقوال إسنادًا -وإن كانت كلها ضعيفة- ما رواه موسى بن عقبة عن الزهري أن الإسراء كان قبل الهجرة بسنة، فإن صح هذا القول فيكون الإسراء في ربيع الأول. ومن أضعف الأقوال التي انتقدها، بل وكذَّبهاالعلماء -كما تقدَّم- قول من قال: إن الإسراء كان في رجب.
خاتمة: (حكم تخصيص ليلة الإسراء بالاحتفال والتعبُّد):
هل يجوز لمسلم -بعد هذا البيان- أن يحتفل بالإسراء والمعراج في 27 من شهر رجب؟!
وهل يجوز لسُنِّيٍ، مُتَّبِعٍ غَيْرِ مبتدع، تخصيصُ ليلة الإسراء بشيءٍ من العبادات، لو عُلِمَت؟!
- قال الشيخ الألباني رحمه الله بعد أن ذكر الاختلاف في تحديد ليلة الإسراء: "...وفي ذلك ما يُشعِر اللبيب أن السلَف ما كانوا يحتفلون بهذه الليلة، ولا كانوا يتخذونها عِيدًا، لا في رجب، ولا في غيره ولو أنهم احتفلوا بها، كما يفعل الخلَف اليوم، لتواتر ذلك عنهم، ولتعينت الليلة عند الخلف، ولم يختلفوا هذا الاختلاف العجيب" (حاشية أداء ما وجب، ص: [54]).
- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "...ولا يعرف عن أحد من المسلمين أنه جعل لليلة الإسراء فضيلة على غيرها، لا سيما على ليلة القدر، ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور ولا يذكرونها، ولهذا لا يُعرَف أي ليلة كانت" (نقله عنه ابن القيم في الزاد: [1/54]).
وعلى كل حال.. فالخلاف في تحديد ليلة الإسراء والمعراج لا يشغل بالنا ولا نُرتِّب عليه حكم فقهى.
وإنما الذي يهمنا: أن نعتقد وأن ندين الله تعالى بأن الله تعالى أسرى برسوله محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.. ثم عُرِجَ به إلى السماوات العُلا ثم إلى سدرة المنتهى وأراه الله من آياته الكبرى، وكان ذلك كان في بالروح والجسد معًا، في اليقظة لا في المنام.
والله تعالى أعلم.
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام