احاول التوبة ثم اعود مرة اخرى
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
التوبة يا أخي الحبيب بابها مفتوح إلى أن تطلع الشمس من مغربها مهما فعلت من ذنوب ، ولكن لتكن توبة صادقة لا رجوع بعدها للمعاصي ، استمع أخي الحبيب لهذه الآية بقلبك وجوارحك كلها ، قال سبحانه وتعالى ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) إنها بشارة عظيمة أيها الحبيب من الرب سبحانه لعباده المذنبين الذين أسرفوا على أنفسهم أي : استكثروا من الذنوب ، بأن لا يقنطوا من رحمته سبحانه فهو يغفر الذنوب كلها لمن تاب منها وأقلع عنها ، فيالها من بشارة ترتاح لها قلوب المذنبين ، وتسعد بسماعها أرواحهم التي أنهكتها المعاصي والذنوب ، فالله سبحانه لا يبخل بمغفرته ورحمته على عباده المتوجهين إليه في طلب العفو ، النادمين على ما عملوه من سوء ، ونستمر في تلاوة الآية التي بعدها لتكتمل لنا الصورة ، ويتضح الأمر ( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ) أي : ارجعوا إلى الله بالطاعة ، فلما بشرهم سبحانه بالمغفرة أمرهم بفعل الطاعات واجتناب المعاصي والاستسلام لأمره وقبول ما يأمرهم به قبل أن يحل بالعاصي العذاب في الدنيا ثم لا يستطيع مخلوق أن ينقذه من عذاب الله ، ونستمر أيضاً في تلاوة الآيات ليتضح لنا الأمر أكثر وأكثر ( واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتةً وأنتم لا تشعرون ) أي : اتبعوا القرآن فأحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ، قبل أن يفاجئكم العذاب وأنتم غافلون ، فكم من عاصٍ نزل به الموت وهو مقيم على معاصيه ، وكم من عاصٍ نزل به عذابٌ شديد وهو لاهٍ في فجوره ، ونستمر أخي الحبيب في تلاوة الآيات لتنكشف لنا الحقيقة أكثر ( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أنَّ لي كرَّةً فأكون من المحسنين ) فبادر إلى التوبة قبل نزول الموت وانقطاع العمل فتقول متندماً ساعةَ لا ينفع الندم يا حسرتي على تفريطي في طاعة الله ، أو تقول حين تشاهد العذاب والنكال يا ليت لي فرصة أرجع فيها إلى الدنيا فأعمل كما يعمل المحسنون ، ولكن هيهات لا رجوع ، انتهى كل شيء ، وحصد كل إنسان ما عمل ، فأنت الآن في زمن المهلة ، وزمن العمل ، والفرصة متاحة ، والطريق لا زال مفتوحاً ، والعودة للتوبة كلما حصل منك ذنب دليل على أن في قلبك خوف من عاقبة المعاصي السيئة ، فاستمر على تجديد التوبة كلما أذنبت ، ولكن أُنظر ما الأسباب التي تجعلك تعود إلى المعصية مرةً أُخرى فابتعد عنها ، ربما تحتاج إلى إخراج وسائل الإفساد من منزلك من قنوات فضائية ، أو أفلام ومجلات ، وربما تحتاج إلى هجر أصحاب السوء الذين يعينونك على ارتكاب تلك المعاصي ، وربما تحتاج إلى تغيير مكان سكنك إذا كنت في مكان يكثر فيه أسباب الوقوع في الفساد ، ولا شك أنك تحتاج إلى عدة أمور تساعدك على الثبات التام على التوبة ومنها :
أولاً : التضرع إلى الله تعالى بالدعاء .
ثانياً : التعرف على أهل الصلاح والتقوى الذين يعينونك على كل خير .
ثالثاً : الإكثار من ذكر الموت ، وزيارة المقابر فإنها سنة نبوية ، وهي تذكر الآخرة .
رابعاً : الاهتمام بالتربية الروحية فإنَّ للروح غذاء كما للبدن غذاء ، وغذاؤها الأعمال الصالحة ، فاحرص على القيام بالواجبات ثم تقرب إلى الله بالنوافل ، كصيام الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر ، وقيام الليل ، والإكثار من الذكر ، وعليك بالإكثار من تلاوة القرآن فإنه شفاء لأمراض الروح والبدن ، يجلوا صدأ القلوب .
خامساً : التفكر في أضرار المعاصي فإنها تسبب وحشة في القلب بين العاصي وبين الله لا يمكن أن تذهبها لذات الدنيا بأسرها ، ومنها ظلمة يجدها العاصي في قلبه يحس بها كما يحس بظلمة الليل ، ومنها أنها تضعف القلب والبدن ، ومنها الصدود عن الطاعة ، ومنها أنها تقصر العمر وتمحق بركته فحياة الإنسان الحقيقية هي في راحة قلبه ولا راحة للعاصين بل هموم وأحزان ، ومنها أن المعاصي يولد بعضها بعضاً فلا يزال ينتقل من معصية إلى أخرى أعظم منها حتى يصعب عليه الخروج منها ، ومنها وهي أخطرها أنها تقوي في القلب إرادة المعصية وتضعف إرادة التوبة حتى تذهب إرادة التوبة من قلبه فلا تخطر له على بال ، وغير ذلك من الأضرار الخطيرة نسأل الله العافية والسلامة ، فبادر أخي بالتوبة ما دام في الوقت متسع و نسال الله تعالى لك الثبات على .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .