يحدثنا البراء بن عازب رضي الله عنه
عن مشهدٍ من مشاهد ...القبر
يقول البراء بن عازب رضي الله عنه : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في جنازة لرجل من الأنصار .
فانتهينا إلى القبر و لما يُلحد ،
فجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم
و جلسنا حوله...كأنما على رؤوسنا الطير...هذا حالهم في الجنائز
فما هو حالنا اليوم في الجنائز ؟؟...(الدخان والغيبة وكلام الدنيا..)
يقول البراء.. وفي يد النبي صلى الله عليه وسلم
عود ينكت به في الأرض ...فرفع رأسه
فقال : استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثاً ،
اللهم إنا نستعيذك من عذاب القبر يا رب العالمين
ثم قال : إن العبد المؤمن... إذا كان في انقطاع من الدنيا
وإقبال من الآخرة... نزل إليه ملائكة من السماء بِيضُ الوجوه
كأن وجوههم الشمس ،...معهم كفن من أكفان الجنة ،
وحَنُوط من حَنُوط الجنة ...حتى يجلسوا منه مَدّ البصر ،
ثم يجئ ملك الموت عليه السلام ...حتى يجلس عند رأسه
فيقول : أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان .
قال : فتخرج (الروح ).. تسيل كما تسيل القطرة مِنْ فِيّ السقاء ،
فيجعلوها في ذلك الكفن... وفي ذلك الْحَنُوط ،
ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وُجِدَتْ على وجه الأرض .
فيصعدون بها.. فلا يَمُرّون على ملأ من الملائكة
إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب ؟... فيقولون : فلان بن فلان ،
بأحسن أسمائه التي كانوا يُسمّونه بها في الدنيا ،
حتى يَنتهوا بها إلى السماء الدنيا... فَيَسْتَفْتِحون له.. فَيُفْتَح لهم ،
فَيُشَيِّعُه من كل سماء مُقَرَّبُوها ...إلى السماء التي تليها ،
حتى يُنْتَهى به إلى السماء السابعة ،
فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين ،
وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم ، وفيها أعيدهم ،
ومنها أخرجهم تارة أخرى .
قال : فَتُعَاد روحه في جسده ،
والمشهد الآخر ...يا عباد الله
فيأتيه ملكان فيُجْلِسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام ،
فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بُعِث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فيقولان له : وما عِلْمُك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله ، فآمنت به وصَدَّقْتُ ،
فتأتيه البشائر ...اسمعوا يا عباد الله ...الى هذه البشرى
فيُنادى مُنادٍ في السماء : أنْ صَدَق عبدي ، فافْرِشُوه من الجنة ، وألْبِسُوه من الجنة ، وافتحوا له بابا إلى الجنة .
قال : فيأتيه من رَوْحِها وطيبها ، ويُفْسَح له في قبره مَدّ بَصَرِه .
ثم تأتيه البشارة الاخرى ...
يأتيه رجل حسن الوجه ، حسن الثياب ، طَيِّب الريح ،
فيقول : أبشِر بالذي يَسُرّك ، هذا يومك الذي كنت تُوعَد ،
فيقول له : من أنت ؟ فوجهك الوجه يجئ بالخير ،
فيقول : أنا عملك الصالح ،(أنا الصلاة ..أنا الزكاة ...أنا بر الوالدين ...أنا صلة الأرحام ...أنا تلاوة القران ...)
فيرى المؤمن من الكرامات والنعيم ...
فيقول : رب أقم الساعة ...حتى أرجع إلى أهلي ومالي .
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } فصلت30
عباد الله ..هذا حال المؤمن في قبره أما حال الكافر أو الفاجر في قبره ..
إن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نَزَل إليه من السماء ملائكة سُود الوجوه ، معهم الْمُسُوح ،
فيجلسون منه مَدّ البصر... ثم يجئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الخبيثة ، أخرجي إلى سخط من الله وغضب..
فتنتزع تلك الروح الخبيثة …حتى يجعلوها في تلك المسوح ،
ويخرج منها.. ريح نتنة... فيصعدون بها ...
فلا يَمُرُّون بها على ملأ من الملائكة ..إلاّ قالوا : ما هذا الروح الخبيث ؟
فيقولون : فلان بن فلان ، بأقبحِ أسمائه التي كان يُسمَّى بها في الدنيا حتى يُنْتَهى به إلى السماء الدنيا .... فَيُسْتَفْتَح له ، فلا يُفْتَح له ،
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ
وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ،
أما المشهد الأخر...يا عباد الله... من مشاهد العذاب
فيقول الله جل وعلا للملائكة : اكتبوا كتابه في سِجِّين في الأرض السُّفْلَى
فتطرح روحه طَرْحاً ، ثم قرأ : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ... أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) ،
فتعاد روحه في جسده ...
ثم بعد ذلك ...ويأتيه ملكان ، فيجلسانه ،
فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ،
فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ،
فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بُعِثَ فيكم ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ، فَيُنَادى مُنادٍ من السماء أن كَذَب فأفْرِشُوا له من النار ،
وافتحوا له بابا إلى النار ... فيأتيه من حَرِّها وسمومها ،
ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ،
أما المشهد الآخر يا عباد الله ..من مشاهد العذاب
يأتيه رجل قبيح الوجه ، قبيح الثياب ، مُنْتِن الرّيح ،
فيقول : أبشر بالذي يسوؤك ، هذا يومك الذي كنت تُوعَد ،
فيقول له : من أنت ؟ فوجهك الوجه يجئ بالشرّ ،
فيقول : أنا عملك الخبيث ..أنا ( ترك الصلاة ...أكل الربا ...أنا الغيبة...
أنا النميمة ...أنا عقوق الوالدين ...)
فيقول له: أنا عملك الخبيث... فيقول : رب لا تُقِم الساعة .
{حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * َعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }
فلا إله إلا الله ...عباد الله
ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد
لو ضرب بها جبل.. لصار تراباً
فيضربه بها ضربة ...يسمعها ما بين المشرق و المغرب إلا الثقلين فيصير تراباً ... ثم تعاد فيه الروح...فلا إله إلا الله
كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر يبكى حتى يبل لحيته ،
فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، وتبكي من هذا! ،
فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : "القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه"،
عبد الله ...أمة الله
ماذا أعددت للقبر...؟؟؟
فالله ...يناديكم من فوق سبع سموات ...مذكرا لكم ..
(( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ..))
بارك الله لي ولكم بالقران العظيم..ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم...أقول ما تسمعون..وأستغفر الله لي ولكم ...فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..