بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:
(قيل: يا رسول الله! أي الناس أفضل؟ قال صلى الله عليه وسلم: كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال صلى الله عليه وسلم:
هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد).
ولذلك بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث من النقي هو: الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد.
فما أحوجنا لمثل هذا النقي في مثل هذا الزمن الذي اتصف بكثرة الخلاف والنزاع والفرقة، فامتلأت النفوس وأوغرت الصدور، فلا تسمع إلا كلمات التنقص، والازدراء، وسوء الظن، والدخول في النيات والمقاصد!...
فما هي النتيجة؟!
إن خوطبوا كذبوا أو طولبوا غضبوا أو حوربوا هربوا أو صوحبوا غدروا
على أرائكهم سبحان خالقهم عاشوا وما شعـروا ماتوا وما قبروا!
فالنتيجة من أصبح المسلمون أحزاباً
( كُلُّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ).
فالأنقياء
لا يعرفون الانتقام ولا التشفي، ويتجاوزون عن الهفوات والأخطاء .
الأنقياء: يتثبتون ولا يتسرعون .
الأنقياء: سليمة قلوبهم نقية صدورهم.
الأنقياء: يحبون العفو والصفح وإن كان الحق معهم.
الأنقياء: ألسنتهم نظيفة فلا يسبون ولا يشتمون .
الأنقياء .. صفاء في السريرة ونقاء في السيرة،
دعاؤهم:
اللهم قنا شح أنفسنا، اللهم قنا شح أنفسنا.
( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ )
أصبحنا نسمع كلمات الذم أكثر من سماعنا لكلمات الثناء..
أصبحنا نسمع كلمات التنقص أكثر من سماعنا لكلمات التثبت إلا ماشاء الله؟!
كيف غفلت عن هذه المضغة التي
(إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله)؟!
كلمات لم تعد تسمع:
سلامة الصدر، طهارة القلب، صفاء النفس، كلمات نادرة الاستعمال وعزيزة الذكر، لا نكاد نسمعها في مجالسنا ومنتدياتنا، موضوعات كثيرة تلك التي نتحدث عنها لكنها لا تخلو من غيبة ملبسة بلباس النصيحة، أو من حديث يشفي الغليل ويرضي الخليل، أو من هم فيه همز ولمز وانتصار للنفس.
ألم يقل الله تعالى:
(( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ))
[الطارق:9]
قال ابن القيم:
ستعلم أي سريرة تكون عليها يوم تبلى السرائر.
وقال رحمه الله في مدارج السالكين :
مشهد السلامة وبرد القلب، وهذا مشهد شريف جداً لمن عرفه وذاق حلاوته، وهو ألا يشتغل قلبه وسره بما ناله من الأذى وطلب الوصول إلى درك ثأره وشفاء نفسه، بل يفرغ قلبه من ذلك، ويرى من سلامته وبرده وخلوه منه أنفع له وألذ وأطيب وأعون على مصالحه، فإن القلب إذا اشتغل بشيء فاته ما هو أهم عنده وخير له منه، فيكون بذلك مغبوناً، والرشيد لا يرضى بذلك، ويرى أنه من تصرفات السفيه، فأين سلامة القلب من امتلائه بالغل والوسواس وإعمال الفكر في إدراك الانتقام.
فيا من في قلبك خوف من الله جل وعلا، كلي أمل من نعرف أنفسنا و قدرها، فلنملأ قلوبنا بخوف الله عز وجل، ولتمتلئ قلوبنا بذكر الله عز وجل، فإننا نشعر بقسوة القلب، وامتلاء النفس، وجفاف العين من الدمع..
فليكن هجير كل واحد منا:
اللهم إني أسألك قلباً سليماً!
ولنردد كثيراً في كل لحظة بل وفي كل ساعة وفي كل سجدة وركعة
(وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا)
فإن سلامة الصدر من أعظم أسباب دخول الجنة..