إن لكل شيء غاية ولكل بداية نهاية ولا يزال المسلم يتقرب إلى الله ويترقى في الدين حتى يصل إلى القمة وهو أن يكون عبد خالص لله رب العالمين .فسقف القرب من الله والغاية المنشودة للإلتزام بدين الله هي أن نكون عبادا لله.
• معنى العبودية وشمولها لكل الدين : 
"هي اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة " 
كثير من الناس إذا ذكرنا العبودية لا يفهم منها إلا الشعائر – وهي بلا شك جزء معظم من الدين لكن ليست كل الدين . العبودية تشمل الأخلاق والآداب والنظم والقوانين وكل الحياة . إن مقتضى العبادة المطالب بها المسلم أن يجعل كل أقواله وأفعاله وتصرفاته وفق المنهج الذي يريده منه سيده .فكل حركة وكل سكنة لله عز وجل فيها أمر أو نهي ."قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين "
العبد الكامل لله هو الذي يعلم أن كلا من قلبه ولسانه وجوارحه عليه فيه أشياء مطلوب فعلها وأشياء مطلوب تركها ومباحات فيمتثل ذلك . 
عبودية الشيطان : كل نقص في عبودية المسلم لله تقع العبودية للشيطان بقدر هذا النقص لأنه الآمر بها قال تعالى ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدو الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم" 
• فضل العبودية:
1-العبودية هي القمة: فإن الله عز وجل مدح بها أكابر خلقه فقال عن الملائكة عباد مكرمون وقال تعالى " إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون " ووصف بها الأنبياء ولو كان هناك وصف أحب إلى الله من ذلك لأعطاه لهم قال تعالى "واذكر عبادنا إبراهيم واسحق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار " وقال عن نوح " إنه كان عبدا شكورا " وعن داوود " واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب " وقال عن سليمان " نعم العبد إنه أواب" و قال عن المسيح " إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل " وقال " لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله والملا ئكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا" 
ونبينا عليه الصلاة والسلام مدحه الله بالعبودية في أشرف حالاته " ففي الإسراء " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا " وفي إنزال الكتاب " الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجع لله عوجا " وفي الوحي " فأوحى إلى عبده ما أوحى" وفي الدعوة " وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا " وفي التحدي " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا .." 
والنبي عليه الصلاة والسلام كان يفتخر بهذه الرتبة ولا يبغي عنها حولا فقال " لا تطروني كما أطرت النصارى بن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله " و قال لما مدحوه " قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان " وقال " لا ترفعوني فوق منزلتي " 
وووصف الله عز وجل المؤمنين " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا "
وأهل الجنة نعتهم الله عز وجل بالعبودية "عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا "
2- العبودية هي دين كل الرسل " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون " فالعبودية هي الدين الذي جاءت به الرسل كلهم وقال النبي عليه الصلاة والسلام " نحن معشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد وأمهاتنا شتى " م.ع أي الأصل المتفق عليه بيننا أن تكون العبودية كلها لله وإن اختلفت طريقة التعبير عن العبودية " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا "
كما قال "ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمةوالحدة وأنا ربكم فاعبدون " وقال تعالى " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه ... فلذلك فادع واستقم كما أمرت ومن تاب معك " 
3- العبودية لله هي أول الأوامر والواجبات قال تعالى " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين ...." فأوصى بعشرة حقوق أولها العبودية لله .وقال تعالى " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا... " ثم قال بعدها ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ..." فهي الحكمة . وأول أمر في القرآن " يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون " 
4- العبودية لله حصن من الشيطان لما قال الشيطان " رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " وقال تعالى عن يوسف عليه السلام " كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين " .
5- وذم الله عز وجل المستكبرين عن عبادته " وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " وقال " ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلُيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا" وقال " فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُون "َ