منتديات ابداع توداى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات ابداع توداى - اكبر موقع عربى للبرامج والعاب الاونلاين وتطوير المنتديات واخبار العالم
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 مدخل إلى كتاب "براديجما جديدة لفهم عالم اليوم" شاطرالمزيد!

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
moha dz
..:: عضو ذهبى ::..
..:: عضو ذهبى	  ::..
moha dz


الجنس : ذكر
مشاركاتى : 853
نقودى : 937
سمعتى : 5
عمرى : 24
التسجيل : 07/12/2012

مدخل إلى كتاب "براديجما جديدة لفهم عالم اليوم" شاطرالمزيد! Empty
مُساهمةموضوع: مدخل إلى كتاب "براديجما جديدة لفهم عالم اليوم" شاطرالمزيد!   مدخل إلى كتاب "براديجما جديدة لفهم عالم اليوم" شاطرالمزيد! I_icon_minitimeالسبت فبراير 23, 2013 1:38 pm

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف احوالكم زوارو و اعضاء منتديات عصابة ديزاد
نبدا في الموضوع:


وصف
الإنسان مجتمعه الإقطاعي القديم وتمثله في القرون الوسطى باستخدام مصطلحات
دينية في الأساس. وفي مستهل العصور الحديثة وحتى منتصف القرن التاسع عشر
عندما حلت البراديجما (الباردايم) السياسية محل البراديجما
الدينية، استخدمت لتفسير الواقع الاجتماعي، مقولات ومفاهيم تحليلية سياسية
من قبيل السلام والحرب، السلطة والدولة، الملكية والجمهورية، الشعب
والثورة، إلخ. سيطر هذا التحليل السياسي ردحا طويلا من الزمن، بدءا
بمكيافيللي وانتهاء بتوكفيل، مرورا بكل من توماس هوبز وجان جاك روسو. وكان
تشكل الدول الحديثة والملكيات المطلقة والمدن – الدول ولاحقا الدول القومية
من أعظم ابتكارات هذه الفترة. وخلال قرن ونصف بعد ذلك، وبمجرد قيام الثورة
الصناعية وانعتاق الرأسمالية من قبضة السلطة السياسية، بدأ العمل والتفكير
في الواقع اعتمادا على براديجما جديدة ذات طابع اقتصادي
واجتماعي في هذه المرة. أي أن تطور الصناعة الذي عمل على وضع الاقتصاد
وأشكال التنظيم المرتبطة به في صميم الحياة الاجتماعية هو الذي أدى إلى
تكون تصور اجتماعي محض للمجتمع. هكذا سادت في هذه الفترة مفاهيم الطبقة
الاجتماعية والثروة، والعمل ورأس المال، والبرجوازية والبروليتاريا،
والتفاوت الاجتماعي وإعادة التوزيع. في ذلك الوقت كانت الحياة الاجتماعية
تعتبر غاية في ذاتها حتى أن الانحراف والجريمة كان يجري تحديدهما على أنهما
ما يهدد النظام الاجتماعي وكانت التربية العائلية والمدرسية تسمى تنشئة
اجتماعية. أما اليوم فقد تهاوى كل هذا ولم نعد نقيم في الباراديجم
الاجتماعي. فتفكك الروابط الاجتماعية وانحلالها بدءا من العائلة والأصحاب
وحتى الوسط المدرسي والمهني أفقد المقولات الاجتماعية مركزيتها وجعل
الأسبقية للفرد على الجماعة وللذات على المجتمع والأمة، وهي أسبقية تكاد
تكون مطلقة بحيث يمكن القول اليوم أن البشرية قد دخلت لأول مرة في تاريخها
عصر الفردانية المظفرة. وقد تحقق هذا التحول الكبير بفعل عاملين رئيسيين؛
العولمة من جهة، والهجرة من جهة أخرى. فمن نتائج العولمة أن الاقتصاد لم
يعد ينظم على مستوى محلي وأن المدن الكبرى كمدينة باريس مثلا كفت عن أن
تكون مدنا بالمعنى الحديث لتتحول أكثر فأكثر إلى مناطق سكانية يتقاسم العيش
فيها نخبة يمارس أفرادها اقتصادا منبت الصلة بالمجتمع، وجماعات أكبر قليلا
إلى جانب النخبة أفرادها يعيشون بالكاد، وبالطبع جماهير عريضة تعيش على
الهامش ويعاني أفرادها من شظف العيش والجهل والتهميش. أما الهجرة فتدفع
بقوة أكبر بالمجتمع الحديث في اتجاه أن يكون مجتمع تدفقات بالإضافة إلى
كونه مجتمع أماكن. إن المهاجرين إلى فرنسا الذين لا يكفون عن الحركة
والهجرة والتلاقي يخلقون بهجرتهم نوعا من الصدام بين الثقافات ينشأ عنها
مشكلات ذات طابع ثقافي في الأساس ليس أقلها مشكلة الاندماج والتعدد الثقافي
والإقرار بالآخر المختلف. فإذا كان الواقع قد تحول بالفعل باتجاه تدمير كل
ما هو اجتماعي، بشكل جذري فإن تحولا جذريا موازيا ينبغي أن يتم على مستوى
الطريقة التي ننظر بها إلى هذا الواقع. وهو ما يعبر عنه المؤلف بالحاجة
الملحة إلى تغيير البراديجما القديمة واستبدالها ببراديجما أخرى جديدة تكون ذات مقدرة أكبر على تحليل الواقع الجديد وتفسيره. فالبراديجما
الجديدة حتى ولو وضعتنا أمام مفارقة على قدر كبير من الغرابة؛ باستخدامها
لمقولات ومفاهيم غير اجتماعية بالأساس، ستكون أكثر قدرة على تفسير الواقع
الاجتماعي من البراديجما القديمة التي كانت تستخدم
المقولات والمفاهيم الاجتماعية. وتورين إذ يكاد يجزم بأن فهم عالم اليوم لم
يعد ممكنا باستخدام مصطلحات اقتصادية - اجتماعية، يشدد في نفس الوقت على
أهمية الاستعانة بالمصطلحات الثقافية لتأسيس رؤيتنا للواقع وشكل ممارساتنا
فيه. إن هذا معناه أن البراديجما الجديدة التي يقترحها تورين ستكون براديجما ثقافية لا اجتماعية. أما المفاهيم الثقافية التي ستتبوأ مركز الصدارة في هذه البراديجما
الجديدة فستتركز بالأساس في مفهوم الذات الفاعلة، ومفهوم الحقوق على أن
نقرأ في هذا المفهوم دلالته الثقافية لا السياسية ولا الاجتماعية، وأخيرا
دور المرأة الفاعل في المجتمع والذي يتضاعف تأثيره باستمرار. ولا يجب أن
نستغرب ذلك، ففي عالم اليوم لم تعد الجهود تنصب على الخارج بل على الداخل
ولم يعد الهدف هو احتلال العالم بل تكوين الذات. إن التمثيل الثقافي للوجود
هو إذن براديجما جديدة تتضمن في ثناياها القول بأن الخاص
قد اجتاح العام وأن الثقافة قد اجتاحت السياسة. وكل الشواهد والممارسات
الواقعية في العالم المعاصر تؤكد هذه الحقيقة. فتكوين الذات على سبيل
المثال لم يعد يتم من خلال العمل أو المدرسة كما كان الحال في الماضي بل
صار ينشأ ويتطور بالكامل من خلال مفاهيم ثقافية بحتة كمفهوم الجنسانية
مثلا. من ناحية أخرى، أصبحت المشاكل التي تتناولها البرلمانات في أغلب
بلدان العالم وخصوصا بلدان أوروبا تميل لأن تكون ذات طبيعة ثقافية أكثر
منها ذات طبيعة اجتماعية بدءا من المشاكل التي يثيرها موضوع القتل الرحيم
وحتى مشاكل المثليين وقضايا الزواج فيما بينهم.



وإذ
يسلم المؤلف لفوكو بأهمية المفهوم الذي صاغه لإثبات نسبية الحقيقة وأنها
تصاغ بطرق مختلفة ويعاد تمثلها باستمرار من قبل الفاعلين الاجتماعيين
المختلفين، وهو مفهوم الخطاب، يكشف مع ذلك عن تفضيله لاستخدام مصطلح براديجما على مصطلح خطاب. إن الخطاب
مفهوم ينتمي إلى ميدان السوسيولوجيا النقدية وهي فرع حديث من فروع
السوسيولوجيا ظهر في الغرب بعد مرور جيل كامل على إعادة بناء النظام
الاجتماعي الذي كانت الحرب قد دمرته. وكان الغرض منه هو تسليط الضوء على
اتجاهات قوية للسيطرة والهيمنة أخذت تتغلغل منذ ذلك الحين في كل قطاعات
الحياة الاجتماعية تقريبا. ومفهوم الخطاب وإن كان يمكنه
أن يقول الشىء الكثير عن القوى والأنظمة والسلطات المهيمنة، لا يقول إلا
أقل القليل عما ينبغي أن يفعله الفرد المعزول والمحروم والمهمش في سبيل
امتلاك وعي وإرادة الإفلات والحرية. أما البراديجما فبالإضافة إلى أنها تتضمن معاني السيطرة والهيمنة الموجودة في الخطاب
تتضمن كذلك معنى مضافا يسمح لكل الموجودين على الجانب الآخر من المعارضين
والمهمشين بإنشاء دفاعات وانتقادات وحركات تحرير مضادة. ففي عالم بات فيه
كل شىء خاضعا للسيطرة وأصبحت فيه المخاطر تتهدد حياة الفرد من كل حدب وصوب
لا يعود ثمة أهمية إلا لكل ما يثبت فينا مبدأ المقاومة ويمنحنا شرعية
الدفاع عن حقنا كأفراد بالوجود وهذا هو ما تساعدنا البراديجما على أن نكون على وعي به أكثر مما يفعل الخطاب.
وإذا أضفنا إلى ذلك أن جميع أشكال المقاومة تقوم أساسا على مفاهيم غير
اجتماعية وبالذات على مفاهيم تقافية، أمكننا تكوين فكرة مبدئية عن أهمية
مفهوم البراديجما بوجه عام، وأهمية مفهوم البراديجما الثقافية بشكل خاص.

صدر كتاب براديجما
جديدة لفهم عالم اليوم في طبعته الأصلية الفرنسية في عام 2005 وصدر في
طبعته العربية الأولى عن المنظمة العربية للترجمة في أبريل 2011 أي في
أعقاب مرور بضعة أسابيع قليلة على اندلاع ما سمي بثورة الربيع العربي،
وأعاد نشره هنا منذ أيام صديقنا علي مولا. وقد ضم الكتاب بين دفتيه عددا لا
بأس به من المفاهيم والأدوات التحليلية المفيدة ما يجعل منه بحق "مرجع في
غاية الأهمية" على حد قول الناشر. وهذه المفاهيم والأدوات صالحة للتطبيق
على عالمنا المعولم بأكمله، حتى وإن كانت عبارة "عالم اليوم" الموجودة في
عنوان الكتاب الفرعي تشير إلى العالم الغربي بالأساس وإلى فرنسا بلد المؤلف
على وجه الخصوص
بالإضافة إلى الجانب المتبقي من المدخل الذي ينبغي علي استكماله والذي
أتوقع أن يكون بمثابة تطبيق للمفاهيم الواردة في الكتاب على واقعنا العربي،
أردت في نفس الوقت أن أفكر معكم بصوت عال في أثناء قراءتي للكتاب، فالكتاب
كما سبق القول، مرجع في غاية الأهمية، وأنا شخصيا أرى أنه يساوي مئة كتاب
أو أكثر من بين عديد الكتب والمراجع التي تناولت نفس الموضوع. وترجمة هذا
الكتاب إلى اللغة العربية حدث استثنائي بجميع المقاييس ونشره إليكترونيا
بواسطة صديقنا الفذ على مولا يمكن أن يعد نقطة فاصلة في تاريخ القراءة
العربية وبالتالي في تاريخ وعي الذات العربية لنفسها إذا قيض للكتاب من
يقرأه بتمعن وروية وإعمال فكر.

من بين المفاهيم الأساسية والمهمة التي وردت في الكتاب، نقع على مفهوم "الذات الفاعلة" فماذا يقصد تورين بالضبط بهذا المفهوم ؟ يبدأ مفهوم "الذات الفاعلة"
عند تورين من مفهوم "الهوية الذاتية" الذي كان أنطوني جيدنز من أوائل من
استعملوه في تسعينيات القرن الفائت. وهو مفهوم يحيل إلى حضور قوي للذات بما
هي جسد أساسا، بل أكاد أقول بما هي تنفس وحركة، لا بما هي حضور اجتماعي أو
اضطلاع بأي دور اجتماعي. إنه إذن الحضور الذي يتضمن معنى الانتقال من عالم
المجتمع إلى عالم الفرد أو عالم الفاعل المتجه نحو ذاته. وعلى الرغم من أن
هذه "الفردانية" هي حديثة بامتياز، إلا أن تورين يشعر مع ذلك بأن مفهوم
"الهوية الذاتية" ما يزال ينقصه الشىء الكثير. لذلك يحاول تورين تطوير
المفهوم، دافعا به إلى أبعد من معنى الحضور الذاتي، لكي يدل به من ناحية
على معنى المقاومة، ولكي يؤكد به من ناحية أخرى على أهمية بقاء المفهوم لا
ضمن عالم التجربة ولكن في عالم الأخلاقية، عنيت عالم الحقوق والواجبات
(معنى ثقافي لا اجتماعي). لكن ما الذي ستقاومه الذات الفاعلة ؟ ستقاوم عالم
الاستهلاك اللاشخصي وعالم الخوف والعنف والحرب، وبالإجمال، كل القوى
والأنظمة والسلطات التي تعمل على استلاب وعي وإرادة الذات وتمنعها بشتى
الطرق من العمل على تكوين ذاتها الفاعلة لكي تظل دائرة في فلكها وعاملة
لحسابها هي أي لحساب مقاصد وأهداف هذه القوى والأنظمة والسلطات. لكن، هل
تختلف فكرة "الذات الفاعلة" عند تورين عن فكرة النضال
الاجتماعي، أو حتى فكرة الوعي الطبقي والشعور القومي التي كانت مهيمنة في
مجتمعات سالفة ؟ في الواقع إن فكرة "الذات الفاعلة" عند تورين هي نفسها فكرة النضال الاجتماعي حتى أننا إذا أردنا ان نرسم صورة لصاحب "الذات الفاعلة"
وجدنا أن أقرب وأبلغ صورة له هي صورة شخص مقاوم أو صورة شخص مقاتل من أجل
الحرية. ومع ذلك تحتاج هذه الصورة إلى توضيح أكثر ! إذ ما معنى قولنا أن
فكرة "الذات الفاعلة" هي نفسها فكرة النضال الاجتماعي ؟ أو أن فكرة "الذات الفاعلة"
هي نفسها فكرة المقاومة او فكرة القتال من أجل الحرية ؟ إن المجاهد
الإسلامي الذي يبدي استعدادا عاليا للموت هو أيضا مقاوم ومقاتل بطل، على
الأقل من وجهة نظر قومه أو بعض قومه، فهل يعني ذلك أن فكرة "الذات الفاعلة" تنطبق عليه هو أيضا ؟ دعونا إذن نحدد ونميز الفرق بين صاحب "الذات الفاعلة" كما يراه آلان تورين، وبين المجاهد الإسلامي. إن هذا الفرق بسيط للغاية، ولكنه دقيق جدا أيضا


[right]لقد ضربت المثل بالمجاهد الإسلامي أو المجاهد الديني بوجه عام لأنه مثل يستطيع، إذا ما طبقنا عليه مفهوم "الذات الفاعلة
أن يبين بوضوح ماذا يريد آلان تورين أن يقول لنا بالضبط، من وراء استخدامه
لهذا المفهوم. من الضروري كذلك قبل أن أواصل شرحي للمفهوم أن أشدد على
أنني، على الأقل في هذه المرحلة من القراءة، لا أتبنى الطروحات التورينية
(نسبة إلى تورين) بقدر ما أسعى إلى توضيحها وفهمها.

يزعم
تورين أن هناك قوى وسلطات متعددة بما فيها النظام الاجتماعي القائم نفسه
بجميع مؤسساته السياسية والاجتماعية، تعمل جاهدة على استلاب الفرد
والحيلولة بينه وبين التصرف وفق ما يقتضيه بنيانه الذاتي. وقد أضافت
العولمة التي أدت إلى تراجع أنظمة الرعاية الاجتماعية في البلدان الصناعية،
وفصل الاقتصاد عن المجتمع، وسيطرة الأسواق والإعلانات والثقافة الشعبية،
قوى أخرى جديدة، إلى القوى والأنظمة الاجتماعية والسياسية الموجودة من قبل.
بل إن المجتمع نفسه في العديد من بلدان العالم قد أخذ الآن يدخل في عملية
واسعة من التفتت والتحول إلى جماعات (طوائف) متفرقة مرة أخرى. وهذه العملية
التي تكشف عن أفول العامل الاجتماعي من شأنها أن تعمل على تفاقم العنف
والحرب وسيطرة الخوف. ماذا يعني هذا كله ؟ يعني أن المجتمع لم يعد يجد في
ذاته وسائل نهوضه مما يفرض البحث من أسفل لأعلى عن القوة القادرة على
المقاومة. بعبارة أخرى، إن القوى اللاشخصية (أو اللااجتماعية) التي غزت
المجال الاجتماعي، لم يعد من الممكن التصدي لها بإصلاحات سياسية أو حتى
اقتصادية واجتماعية، لأن هذه الإصلاحات لابد لها، في نهاية الأمر، من أن
تخدم السلطات والأنظمة القائمة والتي يصدر عنها شتى أفعال الهيمنة والسيطرة
والاستلاب. أين يمكن أن نجد المعنى إذا ؟ نجده في الفرد وليس في المجتمع.
فالفرد من خلال دفاعه عن حريته الخاصة، وليس من خلال تماهيه بقيمة أو هدف
خارج ذاته، أيا كانت هذه القيمة وهذا الهدف، قادر على تطوير إرادة ووعي
قويين، لمقاومة منطق السلطة والسوق والعنف. لهذا السبب، يعتقد تورين أن
إصرار المثليين الجنسين مثلا على خوض الصراع كاملا مع المجتمع حتى ينالوا
كافة حقوقهم، أو إصرار المرأة على نيل حريتها الكاملة وممارسة حقها في
اختيار اللباس وطريقة العيش التي تناسبها، أو إصرار الشاعر أو الفنان على
ممارسة حريته المطلقة في الكتابة والتعبير (حركات ثقافية)، يمكن أن يزلزل
الأنظمة والسلطات القائمة ويؤدي بالتالي إلى زعزعة بنيانها واستقرارها،
أكثر بكثير مما يمكنها أن تفعله أية إصلاحات أو حركات يمكن أن تجري وتتم عن
طريق المؤسسات الاجتماعية السائدة نفسها. شىء آخر أود التأكيد عليه أكثر
هو أن "الذات الفاعلة" هي ذات تجد مبدأ تقييمها الأوحد في ذاتها وليس في
أية نقطة خارجية أو متعالية عليها حتى ولو كانت هذه النقطة، تمثل وحيا
إلهيا، فما بالك إذا كانت هذه النقطة تشير إلى ثمة "مجتمع" ما أو "أمة" أو
"مصلحة عامة" أو حتى "شعب". من الواضح إذن أن مفهوم "ذات فاعلة" لا ينطبق
على المجاهد الإسلامي طالما كان هذا الأخير يلتمس النموذج خارج ذاته ويخوض
صراعه باسم الخير ضد الشر أو باسم الله أوالأمة.

والآن،
هل يصلح التحليل الذي يقدمه آلان تورين للانطباق على واقعنا العربي ؟ وإلى
أي حد يمكن لنموذج المقاومة الثقافي الذي يقترحه تورين أن يساعدنا في
العثور على أسباب تبرر عدم نجاح الربيع العربي حتى الآن في تحقيق أهدافه
العليا ؟ وهل صحيح أن إصرار الشاعر والمثقف العربي بوجه عام على المقاومة
وخوض الصراع من أجل حرية الكتابة والتعبير يمكن أن يصبح هدفا أهم من سائر
الأهداف السياسية والاجتماعية التقليدية الأخرى، كتحرير فلسطين مثلا، في
عملية الانتفاض على المؤسسات والأنظمة السائدة وبالتالي بناء مجتمع مدني
يرتكز على مبادىء الحرية والمواطنة والقانون ؟

شخصيا،
أميل إلى هذا الرأي. وقد عبرت عنه في أكثر من مكان وبأكثر من صيغة. ففي
عالمنا العربي تسود رؤية تقليدية عن المجتمع ترى إليه بوصفه أمة أو شعب لا
بوصفه حرية فردية. لذلك مهما حدث من تمردات أو ثورات تظل القوى والأنظمة
والمؤسسات القديمة كما هي بدون تغيير، لأنها تتم دائما باسم دعاوى جماعية
أو أيديولوجية مختلفة.

على أن لهذا الموضوع حكاية أخرى أرجو أن نتشارك جميعا في الحوار وإبداء الآراء حوله

أشكر
جميع الأصدقاء الذين مروا من هنا؛ اللباني، ابن خلدون، رافد، فهد، وعلي
مولا، وأحيي بصفة خاصة صديقي العزيز علي مولا أولا: على كتاب "تاريخ
الأيديولوجيات" الذي وعدنا به، وثانيا: على إشارته الذكية في نهاية مشاركته
إلى التعارض الموجود بين مفهوم "الذات الفاعلة" وبين الأيديولوجيا.


[right]أخيرا،
وقبل أن أنتقل إلى مفاهيم وأدوات تحليلية جديدة، أختار لكم هذا النص
الكاشف الذي يرد في صفحة 185 من الكتاب، وهو نص يمتلك، من وجهة نظري، قوة
تعبيرية عالية تنجح في استخراج أهم دلالة جوهرية قارة في مفهوم "الذات
الفاعلة" وتسليط الضوء عليها. وأشعر بالحاجة مرة أخرى إلى التأكيد على أن
الغاية في هذه المرحلة لا تزال هي غاية الفهم وليس التقييم أو النقد ومن ثم
الرفض أو القبول.


يقول آلان تورين: "أمام
ما يطالعنا به التاريخ من تصورات ترى العقل الأداتي والمنفعة واللذة تحل
كلها محل ضمير أو نفس وضعهما خالق في الكائنات الإنسانية، وفي مواجهة
الفكرة القائلة إن الحداثة هي دهرنة العالم و"انفكاك سحره"، بحسب قول ماكس
فيبر الشهير، أنساق إلى القول إن الذات الفاعلة التي طالما أسقطها
البشر فوقهم، في فردوس أو مدينة حرة أو مجتمع عادل، قد استقرت في كل فرد
وصارت فيه تأكيدا للذات كصاحبة حق في أن تكون فردا قادرا على إثبات ذاته في
مقابل كل ما يدمره من قوى لا شخصية
. لم يؤد موت الله إلى انتصار
العقل والفكر الحسابي ولا إلى تفلت الشهوات، بل قاد كل فرد إلى إثبات ذاته
خالقا ذاته وغاية لعمله، بحيث يسيطر على الحركة المشكالية التي تتصادم فيها
كل أجزاء الأنا وتختلط ويدمر بعضها بعضا
."


ولا
حاجة بي إلى القول أن هذه الدلالة الجوهرية لمفهوم "الذات الفاعلة" هي
دلالة بعيدة كل البعد عن كل نماذج تكوين الذات العربية حتى في أشد تجلياتها
فردنة وذاتية وأننا لا نقع سواء في تاريخنا العربي القديم أو الحديث
والمعاصر إلا على حالات جزئية ونادرة تحققت فيها هذه الدلالة بشكل واضح
وأكيد، مما لا يصلح لأن يكون حركة أو تيارا مستقلا وقائما بذاته.
إذا كانت البراديجما الاجتماعية قد فقدت قوتها التفسيرية ولم تعد تصلح لوصف
عالم اليوم فما ذلك إلا لأن المجتمع نفسه قد تفتت وأصبح في طريقه إلى
الزوال. لقد تضافرت مجموعة من العوامل جعلت من هذا التغير أمرا ممكن
الحدوث. ويمكن اعتبار العولمة أهم هذه العوامل على الإطلاق. فالعولمة التي
اقتصرت في البداية على مجالي الإنتاج والتبادلات سرعان ما أخذت في التوسع
حتى انتهى بها الأمر إلى صورة متطرفة (متوحشة) من الرأسمالية تقوم على
الفصل التام بين الاقتصاد والمجتمع. (لنلاحظ أن المؤلف
يطبق تحليله أساسا على البلدان الأوروبية وعلى فرنسا، بنوع خاص، ولكن ألا
نشعر في نفس الوقت بقابلية تحليله لاكتساب صفة الشمول وبالتالي إمكانية
استخدامه في وصف أماكن أخرى كثيرة من العالم، من بينها عالمنا العربي ؟
ألسنا نخضع بدورنا للعولمة ؟ وأليس اقتصادنا يقوم على الفصل التام بينه
وبين سائر المؤسسات الاجتماعية والسياسية الموجودة في المجتمع ؟ بماذا نفسر
عمليات الخصخصة وبيع شركات القطاع العام التي تمت منذ سنوات، إن لم يكن
الأمر كذلك ؟ وبماذا نفسر شيوع التجارة والمبادلات والاقتصاد الريعي القائم
على العمولات والسمسرة ؟ وبماذا نفسر ارتفاع معدلات الأداء الاقتصادي، وفي
نفس الوقت، إنخفاض إن لم يكن انعدام العائد على المجتمع في صورة ارتفاع
مستويات معيشة الطبقات الفقيرة وتذويب الفوارق بين الطبقات ؟ ثم ألم يؤدي
كل ذلك إلى تآكل المجتمع وتفتيت ما كان يسمى مجتمعا
؟) إن
انحسار المجتمع على هذا النحو ترتب عليه صعود الفردانية وانتصارها. وأول
صورة تطالعنا عن هذه الفردانية المنتصرة هي صورة "أنا" هشة مستسلمة لوسائل
الإعلام وخاضعة لتقنيات الإنتاج والاستهلاك والتواصل. لكن ثمة في نفس الوقت
إمكانية موجودة بداخل هذه الأنا تمكنها من استرداد نفسها وتحقيق وجودها
الفردي المميز في أي وقت. ويحدث ذلك عندما تعي تلك "الأنا" نفسها وتتحول
إلى كائن حقوقي يعمل على تكوين نفسه عبر العمل والنضال. إن القوى
اللااجتماعية واللاشخصية التي تطلقها العولمة في كل مكان كقوى السوق
والحروب والكوارث المحتملة تهدد من جانبها بطرد الذات الفاعلة وكبتها. بيد
أن الذات الفاعلة باختيارها ألا تستسلم أبدا تظل تقاوم وتخلق على الأرض
مؤسسات وقواعد قانونية تدعم حريتها وقدرتها الإبداعية. إن هذه القدرة
الخلاقة ليست غريبة بالطبع فقد اكتشفها الأفذاذ من البشر واستخدموها في كل
المجتمعات تقريبا. لكن الجديد في المجتمعات الحديثة هو أن هذه الطاقة
الخلاقة لم تعد تلتمس فيما وراء تجربة الإنسان. فلأول مرة في سعيه لتكوين
ذاته الخلاقة لا يتطلع الإنسان إلى مبدأ خارق موجود خارج ذاته بل ينظر
مباشرة إلى داخله حيث يوجد مبدأ الذات الفاعلة. (أعتقد
أن نموذج الفردانية الهشة المذعنة سواء للقديم المتمثل في السلف والماضي أو
الجديد المتمثل في قوى الاستهلاك والسوق، هي النموذج الأكثر حضورا وأننا
لم نصل بعد في عالمنا العربي إلى مستوى الاعتراف بالإنسان ذاتا خلاقة
وفاعلة. صحيح، ثمة تململات وتمردات هنا وهناك، ولكنها تبقى في مجملها
محدودة وضعيفة. لكن يبقى الأمل قائما ومعقودا على الشابات والشبان العرب
لعلهم يواصلون إبداع وخلق ثوراتهم الصغيرة الفردية والنفسية والمعرفية
وصولا إلى لحظة الثورة الكبرى وتثوير المجتمع كله. يمينا ويسارا ومن تحت
إلى أعلى)


ويربط تورين بين
هذا التصور المحايث لمفهوم الذات الفاعلة وبين مبدأ آخر يسميه مبدأ شمول
الحداثة أو مبدأ الحداثة الشاملة. فوجود الذات الفاعلة يظل عند تورين
مشروطا على الدوام بمبدأين أساسيين؛ مبدأ العقلانية، ومبدأ احترام الحقوق
الفردية. ولقد كانت فكرة المواطنية هي أول تجسيد في العصر الحديث لمفهوم
الذات الفاعلة. فهذه الفكرة والتي هي نتيجة مباشرة للعلمانية التي فصلت
الدولة عن الدين، هي التي فرضت لأول مرة احترام الحقوق السياسية للمواطنين
بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والطائفية. واليوم بعد تفتت المجتمع الذي
زادته العولمة تفككا، تتراجع المطالب الاجتماعية إلى منطقة الظل بينما تقوم
براديجما جديدة هي البراديجما الثقافية بوضع المطالبة بالحقوق الثقافية في
الواجهة. وفي بلد كفرنسا يضيف المهاجرون الوافدون من البلدان الأخرى إلى
تحدي المطالبة بالحقوق الثقافية صعوبات إضافية على صعيد الاندماج والتواصل.
ولتذليل هذه الصعوبات يدعو تورين إلى ضرورة الفصل بين الحداثة كمرجعية
مشتركة لكل من المقيمين الفرنسيين والمهاجرين الوافدين الذين ينتمون إلى
أصول ثقافية واجتماعية متباينة وبين الأساليب المتنوعة المتبعة في التحديث.
فيجب على الطرفين أولا الاتفاق على عدم التفريط في مبادىء الحداثة الشاملة
(العقلانية، والحقوق الفردية) ثم لتتعدد بعد ذلك طرق التحديث كيفما شاءت
لها الثقافات المختلفة أن تتعدد. ويقوم تورين بتطبيق تحليله هذا على مسألة
الحجاب التي هزت فرنسا في عام ٢٠٠٤. فهو يأخذ على المجتمع الفرنسي آنذاك
مقاومته العنيفة لرغبة بعض فتيات المدارس المسلمات في ارتداء الحجاب. ويرى
أن هذه الرغبة لا تعرض قيم الحداثة الشاملة للخطر وإن دلت في نفس الوقت على
أن التحديث قد ينهج نهجا خاصا يختلف باختلاف الثقافات المتباينة وهو أمر
ينبغي فهمه والتجاوب معه واحترامه طالما كانت الأطراف كلها تعمل وتتحرك في
إطار المبادئ المشتركة للحداثة.

وإذا كان التحديث الغربي قد سار
تاريخيا باتجاه استقطاب المجتمع ناحية نخبة معينة تستحوذ على جل الموارد
والثروات مع التحديد السلبي والدوني لباقي فئات المجتمع الأخرى، وإذا كان
هذا النموذج من الفاعلية بحيث أنه غزا بالغعل قسما كبيرا من العالم، فليس
معنى ذلك أن يصبح هو النموذج الوحيد للتحديث. فالأمل في تجاوز التوترات
والصراعات التي حفل بها النموذج الغربي يظل قائما باستمرار. وهو أمل يقوى
ويشتد كلما سرت كهرباء النضال وتغيير العالم، في جسد كل الفئات الاجتماعية
الموصومة بالدونية فتكف عن الانسياق وراء الاغتراب والخضوع واللاوعي وتتأهب
لصنع تاريخها. وإذا كانت حركات التمرد والتحرر قد قادتها في القرنين
الأخيرين فئة العمال وفئة المستعمرين وتشكلت أساسا بالعمل السياسي
والاجتماعي، فإن الحركات الجديدة تتشكل أكثر بالعمل الثقافي وبواسطة
التأثير في الرأي العام. ومن هذه الحركات على سبيل المثال حركات حماية
البيئة التي تناضل ضد العولمة والحركات التي تخوضها الأقليات في كل مكان من
أجل التحرر ونيل كافة حقوقها ويمكن أن نضيف أيضاً الحركات الشبابية التي
فتحت باب النضال والثورة في العالم العربي على الوضعية الزائفة للنظام
القائم وقيوده. وربما كانت الحركات التي تقودها المرأة الآن، هي أكثر هذه
الحركات ثورية. فالنساء بفعل الهيمنة الذكورية، كن وما زلن يشكلن فئة دنيا،
ولا شك أنهن عندما يقررن خوض الصراع، يقمن في نفس الوقت بقيادة عمل أشمل
من معركتهن التحررية، عمل يؤدي في نهاية المطاف إلى التحرر من كل أشكال
الهيمنة وتجاوز كل الاستقطابات.

إن السوسيولوجيا الثقافية أو
الاجتماع الثقافي الذي يتكلم عنه عالم الاجتماع الفرنسي آلان تورين في
كتابه الخطير (براديجما جديدة) يؤكد على أن النضال الثقافي والانكباب على
تحليل العمليات الثقافية وآلياتها وطرق اشتغالها يمكنه أن يؤدي بالفعل إلى
تغيير العالم. وأعتقد أننا في العالم العربي نشكل جزءا لا يتجزأ من هذا
العالم وأنه يمكننا باستخدام ديناميات وآليات التغير الثقافي، أن نغير
أنفسنا ومجتمعاتنا ونحولهما تحويلا جذريا.

سأتوقف فيما تبقى من
المقال عند براديجما رجعية ومضادة هي براديجما التدين المظهري التي تحاول
أن تضيف إلى الديكتاتورية العسكرية، ولا أقول تحل محلها، لأن الديكتاتورية
العسكرية لا تزال قائمة حتى اليوم، ديكتاتورية جديدة هي الديكتاتورية
الدينية التي يبدو دعاتها السلفيين متعطشين ومتلهفين بعد طول صبر وانتظار
لإشباع رغباتهم السادية في التدخل في دقائق الأمور الشخصية والاجتماعية
لعموم المصريين، أكثر من أي شىء آخر. أحد هؤلاء الدعاة المأفونين نشر منذ
أيام بيانا على صفحات التواصل الاجتماعي على خلفية استبعاد الشيخ حازم أبو
اسماعيل من الترشح لانتخابات الرئاسة. (يلزم هنا أن أوضح
أنني ضد حرمان الشيخ حازم من حق الترشح للرئاسة لمجرد أن والدته حملت جواز
سفر أميركيا وضد منع آخرين لأسباب مختلفة من دون أحكام قضائية. وكما ترون
يبدو أن البراديجما التي ينطلق منها كل من هم في الحكم أو في المعارضة،
براديجما واحدة حتى لو اختلفت التفاصيل قليلا. كنت أود أن من كل الذين
ينتمون إلى الطرفين تنحية الجوانب الشخصية والتحزبية واعتبار الحدث فرصة
للنهوض بمصر. فلا يعمل من في الحكم على إقصاء بعض المرشحين لمجرد أسباب
واهية حتى لا أقول عنصرية ولا يهدد المرشح الخاسر باللجوء إلى شرعية
الميدان وإلغاء النتائج وكأن البرلمان الموجود حاليا لا شرعية له
).
والبيان مكتوب بلغة كريهة موغلة في التحريض والتكفير وتجهد في تصوير الصراع
السياسي الدائر الآن في مصر وكأنه صراع ديني يدور بين مؤمنين وكفار.
ولخطورة البيان أنشره على حضراتكم هنا كاملا وهو موجه من هذا الشيخ المأفون
إلى الشيخ حازم أبو اسماعيل:

" ... لم يعد في
الأمر خيار بعد أن كشر الكفر عن أنيابه وظهر عواره الذي كنا نعرفه منذ أول
يوم. ليس هناك إلا خيار واحد أمامك. انزل إلى الميدان وخذ البيعة الشرعية
وقف في وجه الكفر والطغيان. لا تستمر في هذا الهزل القضائي والطعون
الباردة، فأنت تعلم ونحن نعلم أنه لن يجدي نفعا، هناك ملايين الشباب ممن
يريدون الموت في سبيل الله فقدهم إلى الجنة. الإخوان لم يخسروا شيئا فيما
يحدث فهم يعبدون البرلمان وإلههم لا يزال تحت أقدامهم. أدعياء السلفية
(...) هم عملاء العسكري وخونة مع أمن الدولة فلا تعولوا على هؤلاء الضالين
من القادة والمشايخ. لكن أنت يا شيخ حازم لم يعد أمامك من خيار إلا البيعة
ثم الخروج. لم يعد هناك وقت للمحاورة فقد أصدرت لجنة الكفر قرارها ولن ترجع
فيه إلا على أيدي شباب الإسلام. ونحن في انتظار قراركم ..."



فبالإضافة
إلى أن البراديجما التي يكشف عنها هذا البيان هي براديجما أكل عليها الدهر
وشرب وتنتمي إلى قرون موغلة في البعد عنا سواء زمنيا أو ثقافيا، هي أيضاً
براديجما زائفة ومضللة. فالبيان يزعم أن ملايين الشباب في مصر بحاجة إلى
زعيم يقودهم إلى الجنة لا إلى زعيم يبني لهم هنا وعلى الأرض وطنا آمنا
عادلا يوفر لهم فرصة طيبة للعمل والتعليم والحياة الكريمة الحرة. وكل من لا
يدرك مدى قوة الأفكار وخطرها سيستهين بهذا البيان ولن يتمكن من قراءته
قراءة صحيحة. والواقع أن التكلم بهذا الشكل الخطير والوقح عن الحياة
السياسية بمفردات دينية تجاوزتها أصول الحكم الحديثة منذ زمن طويل ما هو
إلا تحريض سافر على الحرب والقتل. إن المجتمع الذي يستخف بهذا النوع من
التحريض وأمثاله هو مجتمع يعاني من خلل كبير. لقد مر أكثر من عام على خلع
حسني مبارك وما تزال الحرية هدفا صعب المنال. بل إن الوضع قد ازداد اليوم
تعقيدا بعد أن أضيفت إلى الديكتاتورية العسكرية ، ديكتاتورية التدين. فأي
نوع من البراديجما هو ذلك الذي يقود المجتمع في مصر الآن؟ وهل يمكن
لبراديجما العقلانية والحرية الفردية أن تنتصر حقاً في مجتمع يتجذر في وعي
أفراده وجماعاته، التدين المتجه بخطى حثيثة نحو مزيد من الشكلانية
والمظهرية الفارغة، بهذا الشكل القوي ؟ ومتى نقيم في مصر أسوة بكل المدن
الحديثة الأخرى، كنيويورك وطوكيو ولندن وباريس، التوازن المنشود بين مبادىء
الثورة ورفاهية العيش ؟ بين حقوق الإنسان المعنوية والأخلاقية وحقوقه
الاجتماعية ؟ بين القانون والاستمتاع بفن العيش ؟ بين الموسيقى والخبز ؟
بين الدولة والفرد ؟
علينا أن ننتبه إلى الخطر الكامن في البراديجما التقليدية المنتشرة في
المجتمع المصري تلك البراديجما التي تخلط بين السياسي والديني أو تتكلم عن
السياسي بمفردات دينية. ورغم أنها براديجما تفتقر إلى القوة التفسيرية
اللازمة لوصف الواقع وصفا دقيقا إلا أنها تمتلك مع ذلك قوة تحريضية هائلة
يمكنها أن تؤدي إذا لم يتم الانتباه إلى الخطر الكامن فيها إلى القتل
والتذابح.


أما عن تراجع شعبية الإسلاميين في مصر بفعل انخراطهم
المباشر في العمل السياسي وتلوثهم بالسياسة كما يقولون فثمة دلائل تتراكم
بالفعل يوما بعد يوم تؤكد حدوث ذلك. أما عن تراجع البراديجما التقليدية
نفسها (السياسي موصوفا بلغة دينية) فلا توجد أية دلائل تشير إلى هذا
التراجع. وفي رأيي الخاص أن هذه البراديجما ستظل باقية في حياة المصريين
وطرائق تفكيرهم وتصرفهم إلى آماد متطاولة. (هكذا
أقرأوأفهم مثلا دلالة هجوم السلفي عبد المنعم الشحات بعد مرور أكثر من عام
على تمردات 2011 على نجيب محفوظ واصفا إياه بأنه عار على مصر وأستشعر أنه
ليس رأي الشحات فقط بل رأي غالبية المصريين بمن فيهم طبقة المتعلمين، كما
أقرأ وأفهم دلالة هجوم سلفي آخر هو عسران منصور على عادل إمام ومقاضاته
بتهمة ازدراء الأديان، وأقرأ وأفهم المعنى الكامن وراء تأييد محكمة جنح القاهرة أمس الحكم بحبس الفنان عادل إمام ثلاثة أشهر !
)
لا أستطيع أن أقبل التبرير الذي يقول بأن الإخوان المسلميين والسلفيين
كانوا بمثابة أداة جاهزة في يد العسكر يستخدمونها للتغطية على حقيقة نظامهم
القائم وصورته القبيحة من جهة، ولتخويف المجتمع منهم من جهة ثانية على
اعتبارأن نظامهم مهما كان قمعيا ومستبدا فهو أهون بكثير من أي نظام آخر
يمكن أن يجلبه معه تيار الإسلام السياسي، إذا قيض لهذا التيار أن ينتصر. لا
أستطيع أبدا أن أقبل هذا التبرير الجاهز لأنه تبسيطي أكثر من اللازم ولأنه
يعول في تفسير ظاهرة التدين المظهري المتفشية في المجتمع المصري على عوامل
وأسباب خارجية وليس على عوامل وأسباب موجودة في داخل المجتمع نفسه.


إن
تحميل فشل المجتمع على نظام العسكر أو حتى على الإسلام السياسي لا يختلف
كثيرا عن تحميل هذا الفشل على الاستعمار أو على الصهاينة. لذلك تجدني أكثر
ميلا لتفسير هذا الفشل بالاستعانة بفكرة مالك بن نبي وخالص جلبي عن
القابلية للاستعمار. وأعتقد أن نظم الحكم الاستبدادية بوجهيها السياسي
والديني(ولا سيما الديني) لم تنجح في مصر وتتطاول على مدى قرون طويلة وتتشامخ لولا وجود قابلية لدى المصريين أنفسهم لهذا النوع من الحكم.


أما
عن تمردات يناير 2011 فهي من وجهة نظري عبارة عن ثورة صغيرة قادها شابات
وشبان متميزون وانقض عليها فيما بعد السلفيون والإخوان المسلمون. ومع ذلك و
رغم عدم قدرة هذه التمردات على تجاوز سطح المجتمع السياسي أرى كذلك أنها
كانت حركة فريدة وخطيرة ويكفي أنها جعلت من الممكن قيام ثورات أخرى كثيرة
في أعقابها. وأتوقع أن يقود هذه الثورات كذلك أفراد قلائل على رأسهم رسامون
وشعراء وفنانون وكتاب مبدعون متميزون. أما الجموع العربية فستظل تحركها
النظرة التقليدية إلى العالم. الجموع العربية سيظل يحركها الدين لا
العقلانية ولا التميز الفردي.


في الأخير، إليكم هذا الإيضاح بشأن الفكرة الخاصة بالجموع العربية.

قد
يستشف البعض خطأ من هذه الفكرة معاني تدل على الترفع والاستعلاء. والواقع
أن الفكرة أقرب إلى معاني الكآبة والحزن والاغتراب منها إلى معاني العلو
والترفع والتميز. إنه شىء مؤلم بالفعل وباعث على الحزن أن توجد بفعل قراءتك
ونشاطك الإبداعي على مبعدة من أهلك وشعبك. شىء مؤلم أن تقرأ وفي بالك أنك
تقترب وتلتحم، فإذا بك تبتعد وتنفصل. كان يمكن أن أكتفي بالقراءة من أجل
التسلية وأكسب الانتماء. ولكنني اخترت القراءة الجادة من أجل طرح الأسئلة
وإعادة تكوين الذات فأصبحت لا منتميا وبلا أصدقاء تقريبا. لا شىء أصعب على
المرء من الشعور بالوحدة والعزلة. لا شىء أصعب من عدم قدرة المرء على
التكيف والاندماج. قد تعلم أنني شاعر ولكنني شاعر ملفوظ من مجتمعه إن لم
يكن ملعونا من هذا المجتمع. لم يقدر لشعري أن يدخل في نسيج الثقافة السائدة
وأظن أنه سيبقى كذلك لآماد طوال. لم يقرأ شعري سوى عدد محدود من القراء،
وجلهم شعراء وكتاب مثلي. على أن هذه مشكلة عامة وليست مشكلة خاصة بي أنا
وحدي. أدونيس نفسه رغم أنه شاعر "نجم" بكل معنى الكلمة لم يستطع شعره أن
يدخل في نسيج الثقافة العربية السائدة. حركة الشعر العربي الحديث بأكملها
تقع خارج هذا النسيج تماماً. إنها البراديجما. لقد أمدتني القراءة
ببراديجما أخرى جديدة ولكنها جعلتني أبدو لشعبي كحيوان غير مألوف في قفص.
ومن الواضح كذلك أن البراديجما التي تقود حركة الشعر العربي الحديث هي
براديجما مختلفة تماما عن البراديجما السائدة. أشعر بأنني أقف على لوحين
هائلين متوازيين يتحركان في اتجاهين متضادين حركة دائبة ومستمرة بلا
انقطاع. قدري أن أظهر إلى الوجود في لحظة الخلخلة والصدع العظيم.يمر المجتمع المصري حاليا بمجموعة من الحوادث الخطيرة، فيما يلي بعضها:


اعتبار نجيب محفوظ، عار على مصر !

إصدار
محكمة جنح القاهرة لحكم على الفنان عادل إمام بالحبس لمدة ثلاثة أشهر
بتهمة الإساءة للأديان ودلالة هذا الحكم بالنسبة لمستقبل مصر الفني
والثقافي وبالطبع السياسي. (قد تكون لنا آراء مختلفة في
فن عادل إمام وهذا أمر مشروع ولا غبار عليه. ولكن نقاد الفن لا المحاكم أو
القضاة هم المخولون بتقييم الأعمال الفنية. وأرى هنا محاولة من الجماعات
المؤدلجة لاستخدام عادل إمام ككبش محرقة لتخويف باقي الفنانين وإجبارهم على
الرحيل أو الانتحار. فالضربة التي يبدو ظاهريا أنها موجهة إلى عادل إمام
هي في حقيقة الأمر ضربة موجهة إلى كامل الجهاز الفكري والفني والإبداعي في
مصر. فالمطلوب اليوم هو إخراس كل الأصوات التواقة إلى الحرية والوعي وحب
الحياة بحيث لا يبقى مسموعا سوى أصوات الزاعقين بالشعارات الرنانة والخطب
الشعبوية والانتصارات المزيفة.)


\الشيخ حازم أبو اسماعيل
الذي استبعد من الترشح للرئاسة يقرر النزول بأعوانه إلى الشارع قاصدا
الاستيلاء على الرئاسة بالمبايعة ! فهل نحن بصدد انتخابات ديمقراطية
بالفعل، أم بصدد مبايعة تنتمي إلى القرن السابع ؟ (كيف
نقرأ هذا التباين الصارخ في مواقف الإسلاميين وهذا التراوح الحاد والعنيف
بين هذا الأسلوب السياسي أو ذاك، بحسب ما تمليه عليهم المصالح والأهواء ؟
كيف نقرأ هذا الانتقال الحاد من الاستعانة بالأساليب الحديثة إلى الاستعانة
بأساليب القرن السابع، من اللواذ بالديمقراطية إلى اللواذ بالمبايعة ؟
)

نفس
السؤال يطرح على (من في الحكم) الذين سمحوا بتشريع قانون الحرمان من
الترشح للرئاسة لأسباب واهية وبتشريع قانون أخطر كقانون العزل السياسي
والذي ينبغي أن ينظر إليه على أنه مقدمة وغطاء لممارسة العزل على نطاق أوسع
كالعزل الثقافي للكتاب والفنانين

وحاليا، ثمة ضجة إعلامية جديدة،
حول ما سمي "مضاجعة الوداع"، ما هو الرأي فيها ؟ حيث يقال أن البرلمان
المصري قد ناقش مؤخرا مشروع قانون يعطي للزوج الحق الشرعي في مضاجعة زوجته
المتوفاة خلال الست ساعات الأولى من الوفاة. صحيح أن البرلمان قد نفى هذه
الشائعة، ولكن صحيح أيضاً أن الجو العام في البرلمان بل وفي مصر كلها هو جو
يسمح بتصور إمكانية حدوث مثل تلك الأمور. فمن بين مشاريع القوانين التي
درسها البرلمان مؤخراً، مشروع بتطبيق حد الحرابة، وآخر بخفض سن زواج
الفتيات من ١٨ إلى ١٤ عاما. وهي مشاريع خطرة ولا تبشر بأي خير.هل غير الربيع عنوانه ؟ هل صار بلا طبيعة، هو الذي قبل ذلك كان بلا تاريخ ؟
هل تحولت الثورة إلى فتنة والحرية إلى لعنة أخلاقية ؟ وإلا فما هو مغزى
هذه السرعة المريبة في محاكمة الناس بسبب قصيدة أو رواية أو فيلم ؟ ما هو
سر ذلك الإصرار الغريب والمريض على وضع الفنانين والمفكرين وسائر المواطنين
الأحرار داخل دائرة أخلاقية ضيقة ومحددة سلفا وتعليمهم كيف يحبون ويفكرون
ويشتهون في حدود الدائرة ومقتضياتها ؟ هل هي نزعة سادية مجرمة تتغطى
بالأخلاق والدين، وفي سعيها لإشباع رغباتها تعمل جاهدة على تحويل الآخرين
إلى موضوع لها، أي إلى مجرد مازوخيين مساكين ولا حول لهم أو قوة ؟ إن ثورة
ينتهي بها المآل إلى تمكين "إسلاميين" من الحكم لابد وأن تحمل معها في نفس
الوقت تهديدا جادا وخطيرا بإخراج أصحابها من الإنسانية الحالية بل ومن
التاريخ العالمي كله. فأولا وعلى مستوى المصطلح نفسه يكمن ذلك التناقض
الجوهري والأصيل بين "الثورة" وهي مصطلح حديث تماماً وبين "الدين" وهو
مصطلح تقليدي وقديم. وهذا التناقض يجعل أي كلام عن ثمة "ثورة دينية"
مزعومة، مجرد لغو وكلام فارغ. فالثورة لا يمكنها أبدا أن تكون دينية أو أن
تقوم على أساس ديني. الدين يحتمل الكلام عن "الجهاد" وعن "المجاهدين" لكنه
لا يحتمل مطلقا الكلام عن "الثورة" وعن "الثوار". وتلائمه أكثر مصطلحات مثل
"الجماعة" و "الإيمان" و "الامتثال" و "الفتنة" و "الحرب المقدسة"، لا
مصطلحات " الكوجيتو" و "المواطنة" و "العبقرية" و "الذات المتعالية" و
"أخلاق الواجب" ونحو ذلك. (للاستزادة، ولفائدة أكبر،
ولربط هذه الفكرة بالحوار الدائر هنا، يمكن الرجوع إلى الموضع من هذا
الحوار حيث يتم إخراج نموذج "المجاهد الإسلامي"، كلية، من مفهوم الذات
الفاعلة "التوريني"، وبالتالي من مفهوم الحداثة، بوجه عام.
) ووصول
"إسلاميون" إلى الحكم ودخولهم في نقاش حول مفهوم الدولة المدنية هو في حد
ذاته علامة تضارب وخلط شنيع. ببساطة، لأنهم بصفتهم هذه كإسلاميين لن يكونوا
في وضع يمكنهم من الفصل بين المؤمن والمواطن، وبين العقيدة والسياسة،و بين
التدين وحرية الضمير. لذلك كان الاصطدام بين الدين والحداثة هو جزء لا
يتجزأ من إشكالية الحداثة نفسها. ورغم شيوع مقولة ماكس فيبر بدهرنة العالم
و"انفكاك سحره"، يذهب البعض على العكس إلى القول بأن الحداثة لم تقطع
تماماً مع القداسة وإن كانت بالطبع قد قلبت أو بالأحرى قد عدلت مفهوم
الدين. فحيث كان الدين في العصور القديمة يشير إلى مبدأ علوي بعيد ومفارق
لوجود البشر، إذا به يصبح لأول مرة على يد الحداثة الغربية مبدأ محايثا
كامنا في صميم الإنسان وفي صميم العالم. هذه القدرة على استبطان الجوهر
المتعالي للدين وترجمته إلى صورة بشرية هي التي مكنت الغرب من العبور من
الدولة الدينية إلى الدولة المدنية الحديثة. (فكرة
المحايثة والاستبطان لجوهر الدين المتعالي تلك، هي من المركزية والجوهرية
بحيث لا يمكن تصور الحداثة بدونها. وفي مرحلة ما من مراحل هذا الحوار تم
التركيز على هذه الفكرة والتمثيل لها بنص مقتطف من كتاب "براديجما جديدة"
وقارىء هذا الكتاب أو من سيتهيأ لقراءته فيما بعد يمكنه أن يستخرج بنفسه من
الكتاب نصوصا وشواهد أخرى، فالكتاب يمتلىء بها.
) لذلك
لا يجب أن نتصور أبدا أن الإسلاميين بصورتهم هذه كإسلاميين، قادرون حقا
على أن ينقلوا مجتمعاتنا إلى الديمقراطية والحداثة. إنهم بإصرارهم على
البقاء في فضاء العقائد والمقدسات، يقدمون الدليل على تشبثهم بذاتهم
القديمة وعدم رغبتهم في تحويلها إلى ذات حديثة خلاقة وفاعلة. الإسلاميون
بحكم تكوينهم التقليدي لا يعترفون بالحداثة إذن ولا بالديمقراطية ولا
بالقانون الوضعي الحديث. ومع ذلك، وهذه مفارقة عجيبة، لا يتورعون عن
الاستفادة من الديمقراطية للوصول إلى الحكم ولا عن توظيف القانون الذي لا
يعترفون به أصلا في ضرب حرية التعبير الحديثة بالذات. وتكشف ملاحقاتهم
المستمرة للكتاب والفنانين وأصحاب العقول الحرة الحديثة بوجه عام، عن هذه
الازدواجية الفاقعة التي يتسم بها موقفهم، كما تكشف عن غلبة الجانب
البراجماتي (الانتقام، تصفية حسابات ...إلخ.) في هذا الموقف، على الجانب
الأخلاقي. فباسم الشريعة هم يقومون بهذه الملاحقات، ولكنهم لا يتورعون عند
التنفيذ عن الاستعانة بالقوانين الوضعية التي ينكرونها ويخططون لهدمها
وإزالتها. بل إن علاقتهم بالإسلام وشريعته تكاد أن تكون مؤسسة بأكملها على
النواحي البراجماتية والعملية. فهي تبدو كاستجابة لنزعة سياسية ودعوية صرفة
أكثر منها استجابة للب رسالة الإسلام الأخلاقية والروحية. لذلك، لا ينبغي
أن نتوقع أن يجىء تطبيق الشريعة على يد هؤلاء الإسلاميين في العصور الحديثة
على الصورة النبيلة التي جاءت عليها الأديان التوحيدية في مجتمعات الشرق
الأوسط القديم، وإنما كإخلال بعقد المواطنة الحالي ذي الجذور الضعيفة أصلا،
وإهدار لكافة الحقوق والحريات التي كانت متاحة حتى الآن. (هؤلاء
يهتمون بالعبادات والطقوس أكثر مما يهتمون بالمبادلات والمعاملات. وهم
يولون أهمية عظيمة للصلاة وللصيام تفوق أهمية العدالة الاجتماعية وحقوق
الإنسان بما لا يقاس. وينهون عن الغناء أو عن الاستماع إلى الموسيقا،
ويتهاونون بالمقابل في تطبيق مبادىء الأخلاق فيما يختص بطريقة العيش وكيفية
الكسب وتحصيل الأرزاق. فإذا كان المجتمع يعيش الآن ضربا من الانفصام بين
الرمز والواقع، فإن علينا أن نتوقع أن يستفحل هذا الانفصام ويشتد إذا قيض
للإسلاميين استبدال الشريعة بالقانون الوضعي. ففي هذه الحالة، لن يقتصر
الأمر فقط على وجود تغاير أو تباين في الممارسة الدينية بين الجانب الطقسي
والشعائري وجانب التعامل والتبادل، وإنما ستتحول الممارسة الطقسية لشعائر
الدين هي نفسها إلى أداة قمع وتصبح في يد السلطة مثل جهاز الشرطة تماما.
وبدلا من أن تكون صلاة الج
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
♥silena♥
..:: عضو فعال ::..
..:: عضو فعال ::..
♥silena♥


الجنس : انثى
مشاركاتى : 119
نقودى : 135
سمعتى : 1
عمرى : 29
التسجيل : 14/02/2013
البلد البلد : الجزائر
العمل/الترفيه : طالبة

مدخل إلى كتاب "براديجما جديدة لفهم عالم اليوم" شاطرالمزيد! Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدخل إلى كتاب "براديجما جديدة لفهم عالم اليوم" شاطرالمزيد!   مدخل إلى كتاب "براديجما جديدة لفهم عالم اليوم" شاطرالمزيد! I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2013 4:56 pm

اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مدخل إلى كتاب "براديجما جديدة لفهم عالم اليوم" شاطرالمزيد!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حمل كتاب (مدخل الى مصادر اللغة العربية)
» لسانيات النص مدخل الى انسجام الخطاب
» مدخل :
» مدخل :
» مدخل الى السيميائية السردية والخطابية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابداع توداى :: الاقسام العامة :: القسم العام-
انتقل الى: